الشاعر علي عبدالله خليفة: فقدنا معظم تراثنا الشعبي بسبب غياب الوعي بقيمته
في لقاء ضم أساتذة وطلبة الجامعة الأهلية بالمنامة دعا الشاعر علي عبد الله خليفة أساتذة الجامعات وطلبتها إلى الاهتمام، من خلال أبحاثهم وأنشطتهم بالتراث الشعبي، مؤكداً على أنه إرث ذا قيمة ثقافية وحضارية لكل شعب من شعوب العالم، ولقد فقد هذا الإرث الجانب الأكبر منه نتيجة غياب الوعي بأهميته، وبعده التاريخي والحضاري والقيمي، وارتباطه الوثيق بالهوية والأصالة والانتماء لأبناء المنطقة.
جاء ذلك خلال الندوة الأدبية والثقافية التي نظّمها مركز اللغة العربية والدراسات الشرق أوسطية في الجامعة الأهلية، بعنوان “التراث الشعبي الخليجي: ظروف التجربة والمآل”، وأدارتها الناقدة أستاذة اللغة العربية بالجامعة الأهلية، الدكتورة رفيقة بن رجب. يأتي هذا اللقاء ضمن جهود المركز لتعزيز المشهد الثقافي والأدبي في مملكة البحرين والخليج العربي.
وقد أشاد خليفة بمكانة الجامعة الأهلية في البحرين والمنطقة، مثنيًا على القيادة الاستثنائية للبروفيسور عبد الله الحواج، التي أثمرت صرحاً أكاديمياً رائداً غني بالكفاءات العلمية والأكاديمية.
في مطلع الندوة، قدمت الدكتورة رفيقة بن رجب نبذة عن الشاعر علي عبد الله خليفة، مبرزة أدواره القيادية في المجال الثقافي. فهو رئيس المنظمة الدولية للفن الشعبي التي تدير من البحرين 167 فرعاً لها عبر العالم ، ورئيس مجلس إدارة مركز عبد الرحمن كانو الثقافي، والأمين العام لجائزة عيسى لخدمة الإنسانية، بالإضافة إلى رئاسته تحرير مجلة “الثقافة الشعبية”.
وقد بدأ الشاعر علي عبد الله خليفة حديثه بتسليط الضوء على بدايات شغفه بالتراث والفن الشعبي منذ المرحلة الإعدادية، حيث كان يستمتع بالمنافسة التي تجري في إلقاء المواويل بين الأهل بوسطه العائلي. لينتقل بعدها إلى الحدث الذي قاده في العام 1963 ليكون مرافقًا للدنماركي بول أولسن، المهتم بموسيقى الشعوب، حين زار البحرين مع البعثة الدنماركية للآثار. ومن خلال هذا المختص، أدرك خليفة أن هذه المادة ثمينة ومشجعة على الدراسة والاهتمام.
ثم شاءت الظروف أن يكون مرافقًا لرئيس قسم الدراسات العربية والإسلامية بجامعة جنيف، البروفيسور السويسري سايمون جارجي، في العام 1966، الذي كان يتنقّل بين دول الخليج ليجمع ما يختص بالتراث الشعبي.
ذكر خليفة أن أولسن كان يراسله بعد عودته إلى بلاده ليسأل عن بعض المعلومات، وكان يرد على رسائله بمساعدة بعض مدرسي اللغة الإنجليزية. ولكن الجيد في الأمر أن هذه الرسائل ما زالت معروضة في متحف مزجارد بالدنمارك صمن الإرث الثقافي للبروفسور الراحل هناك بخط يده.
من خلال مشواره هذا، أدرك خليفة أن هذه المادة ثمينة، ولأنه كان يستمع إلى المواويل في البيت ويحفظها عن ظهر قلب، ويستهويه الاستماع لأغاني البحر، كان عمله الأول جمع نصوص الموال. وتطور هذا الشغف بجمع نصوص المواويل محلياً لأن تتسع رقعة الجمع المداني لتشمل البلدان المجاورة، وبمساعدة د. محمد الخزاعي الذي كان مسؤولاً بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية تمكن من تنظيم جولة جمع ميداني لتسجيل نصوص المواويل من دول الخليج، قبل أن يدعى إلى دولة قطر لتأسيس قسم للدراسات والبحوث في وزارة الإعلام، وقد تم تأسيس هذا القسم بمساعدة واستشارة الأديب السوداني الراحل الأستاذ الطيب صالح .
وفي دولة قطر، جمع خليفة كل نصوص ديوان حسن الفرحان النعيمي وتحقيقها والعمل على نشرها مع مقدمة ضافية عن حركة الشعر العامي بالمنطقة، ليتصاعد حماسه في هذا المجال ويقترح في مؤتمر لوزراء الإعلام لدول الخليج العربية إنشاء مركز متخصص لجمع التراث، بعد أن شعر أن هذه المنطقة هي منطقة عمل ميداني واحدة لا فروق بينها في المادة وطريقة الأداء.
وإن وجدت، فهي فروق طفيفة لا تقاس. فطرح فكرة تأسيس مركز لتوحيد جهود دول الخليج في جمع التراث الشعبي، وقد رحّبت بهذه الفكرة دولة قطر، وخصوصًا أنها كانت تفتقد وجود هيئة خليجية مشتركة على أرضها تلك الفترة. ولهذا بذلت كثيرًا من الجهود فتأسّس مركز التراث الشعبي، بعد أن رُصدت له موازنة وصلت إلى 13 مليون ريال لدراسة جدوى تأسيسه.
وأوضح خليفة أن المركز، حتى إغلاقه في عام 2005، قام بمشاريع كبرى وندوات مهمة تخدم التراث، وقام بتدريب فرق عمل للجمع في دول الخليج. وحقق نجاحات كبيرة منها أربعة مؤتمرات دولية للتخطيط لجمع المادة من الميدان كانت ثرية جدًا، فضلاً عن مجلة “المأثورات الشعبية” التي صدرت عن المركز آنذاك.
اقرأ ايضا: