“بين مرحلتين”.. بقلم: د. عبدالله الحواج
ليست مفترق طرق تلك المرحلة التي تفصل بين موسمين دراسيين جامعيين، بقدر ما هي همزة وصل بين فصل دراسي تم خلاله اجتلاء عوالم جديدة، واستشراف مناطق تعليمية حديثة، واستنباط أفكار ومشاريع لم تكن موجودة من قبل، وفصل دراسي قادم نستعد فيه بكل ما أوتينا من علم وإرادة، لكي نكون عند حسن ظن طلبتنا بنا، ومجتمعنا المحيط بما بذلناه من جهود وبحث، وما لعبناه من أدوار حتى نقدم للعالم أجيالاً مبشرة، وللبلاد خريجين قادرين على تحمل المسئولية بكل أمانة وإدراك ومعرفة.
ونحمد الله أننا في هذه المرحلة التي تفصل بين موسمين لا نألوا جهدًا في سبيل أن نأتي إليكم بفصل دراسي جديد مفعم بالعلوم الحديثة، ومحاكي للتكنولوجيا الفارقة، ومواجه لمختلف التحديات والمعضلات العلمية التي طالما تعرضت لها مجتمعاتنا، وطالما عجزنا عن إيجاد حلول ناجعة لها.
مرحلة جديدة بين مرحلتين، أو موسم قادم بعد موسم منقضي، أيهما أو كلاهما يرتبط ببعضه، ويضيف إلى الآخر ولا يختلف معه أو عنه، فالتشابه يعزز الحقائق التي كنا قد توصلنا إليها خلال مسيرتنا الأكاديمية الطويلة، ويوزع الأدوار ما بين الطالب والخريج والأستاذ وإدارة الجامعة.
طالب العلم عليه أن يتعلم من داخل وخارج الجامعة، علوم الحياة منتشرة في مختلف أرجاء الحياة، وخدمة المجتمع التي هي ركن أساسي من أركان العمل الجامعي تنتظر دائمًا من طلابنا أن يقدموا أفضل ما لديهم حتى تنعم البلاد وينعم العباد بمستوى لائق من الخدمات العامة، وبجودة تعلمناها ونحن نحاول بأمانة علمية منقطعة النظير أن ننقلها إليكم.
الأستاذ ودوره في تنوير المجتمع يأتي هو الآخر ليكون بمثابة صمام الأمان في منظومة شديدة الارتباط ببعضها البعض، وهذا الدور لا يقتصر على مرحلة دراسية بعينها بقدر ما يمتد إلى تتبع أحوال الخريجين واقتفاء آثار المتسائلين بتصويب الإجابات الناجعة عندما تحتار الأسئلة على ألسنتهم، وحين يفك قيدها أستاذ عليم أو طالب حصيف، أو مراقب مخلص.
الموسم القادم سوف يشهد مفاجآت نحن نعد العدة لها، لا نعد بقدر ما نفي، ولا نتردد بقدر ما نكون مصرين على الإقلاع بسفينة التعليم نحو آفاق أرحب باستمرار.
الجاهزية متوفرة والحمد لله، والبرامج الجديدة سوف تحاكي كل علوم واحتياجات المستقبل، والمعارف التي نحن بصدد الاجتهاد في توطينها سوف يتم بعون الله توطينها من خلال البحث العلمي المرتبط بقضايا الواقع، والمشتبك مع احتياجات المجتمع، والمخلص في رسالته من أجل الارتقارء بمخرجات التعليم والتعليم، وتحقيق التوافق المحسوب بين العلم بنظرياته ونتائجه، وتطبيقاته التي يجب أن تكون مرتبطة بقضايا الواقع، وبمشكلاته المتراكمة.
إن “نوبل” في كل شيء تشترط أن يقدم الاختراع أو المخترع أو الباحث علمًا “يُنتفع به”، ومثلما نعرف أن “ابن آدم ينقطع عمله بعد الرحيل الكبير إلا من ثلاث: صدقة جارية، ولد صالح يدعو له، وعلم ينتفع به”، هذا يعني أن الله عز وجل قد أوصى بتوقير العلماء في حياتهم ومماتهم، بضرورة أن يترك كل إنسان أثرًا جميلاً في كل مكان يذهب إليه، وأن يقدم من العلوم ما يفيد الناس وما يضيء بصيرتهم، ويمهد لهم الطريق لحياة أفضل باستمرار.
مرحلة جديدة بين مرحلتين نعدكم أننا سوف نستعد خلالها لتقديم كل ما هو أفضل، وكل ما هو أكثر ديمومة، وكل ما هو أجمل، والله الموفق والمستعان.