“شاعرة وحيدة على مائدة الإفطار”.. قصيدة للشاعرة هبة السيد عبدالوهاب
بعد ما نفدت بطارية هاتفي النقال في معايدة الأهل والأبناء والأصدقاء كافة
دعوتهم جميعا ـ بلا استثناءـ لفطور رمضاني مذهل!
انطلقت منشغلة بإعداد مائدة فخمة!
أرض هنا
كرات وردية من لحم العاشقين
مغموسة بصوص الدمعات!
هناك مخبوزات شهية
من لفائف الوشايات والفتن
مرشوش وجهها المحمص بالسكر البودرة!
هذا
حساء ساخن بنكهة الخيانات
يغطى وجهه طبقة مبررات لزجة
في المنتصف
طاجن من ابتسامات تشطر القلب
للأولاد منعهم والدهم من مصافحتي إرضاء لزوجته
الغيور…!
على الأطراف
سلطات كثيرة من خضروات عائلية ذابلة
غير أن (الصوص) جعلها مقبلات لا بأس بها…
رائحة شواء مذهلة
لشرائح دسمة من المقاطع السردية والشعبية وأحيانا
من القصائد الخيلية
حتى لا يغضب حراس الشعر
هناك واحدة بيضاء
تحكي عن قلب ولدي
حمراء قانية
تفضح قصص حب فاشلة
صفراء فاقع لونها
تشي بصفقات الغيرة والغدر
بنية أيضا
وهي التي احترقت على مزيد من نيران الوحدة
وردات بنفسجية للتزيين
لا تشير لغير الشجن !!
محاشي
ملفوفة بعناية وألفة
تشبه أصابع الست (زينب)”
على الجانب
صينية الحلويات
مألوفة جدا
رغم أنها مغموسة في الحمرة
قطع مكعبة
منتظمة الشكل من قلوب الساكنين الساكتين ،
مصبوغة بدم اثنين أو أكثر من دماء شهداء الحياة..
جراحات وطعنات تليق ودرجة الامتياز مع مرتبة
الحياة الدنيا!!
بينما أحاول إتقان ترتيب السفرة
..ضرب المدفع ،ورفع الآذان
آآاخ
لم أنتبه لاعتذارات الجميع
ورفضهم المنمق ـ عبرsms باكية ـ لدعوتي
ـ على فطور رمضاني لعام يبدأ بتفريق دم المصريين
بين القبائل ـ
الا حينما وجدت نفسي
شاعرة وحيدة على مائدة الإفطار!!
أتقلب بين قنوات التلفزيون المصري
على مهرجانات مسلسلات رمضان
وشيوخ يقسمون سنة الحبيب !
يوزعون الجنة والنارـ بمنتهى الثقة ـ على جماهير صفحات التواصل الإجتماعي
الذين ازدحمت بهم رقعة هاتفي
يفرقون التهاني بقدوم شهر الخير والبركة تارة
ويوجهون التعازي
ولإستفسارات تارة أخرى
يشغلهم كثيرا
مدى جواز لفظة( شهداء) على قتلي الأقباط !
هذا..
ولم تصدمني قصيدة أحدهم العارية التي واجهتني
ببجاحة وهي تمنح نفسها في نهار رمضان وليلة لذئاب
الكتابة!
انتبهت فقط ليد تطمئن لأزرار (الريموت كنترول)”
عندما استوقفت أصابعي
برنامجا تلفزيونيا تافها
لممثل هابط
عن مقالب الكاميرا الخفية
أتابع نمو الضحكات على شفتي
وأنا ألتهم أطباق مائدتي
بشهية ذئبة تفترس ضحاياها
دون مبالاة
ملحوظة:
لم يستوقفني مرور الشريط الأسود الذي نبت أسفل
شاشتي الباسمة .لينقل خبرا
عن أجنحة نورانية ،نبتت فجأة وحملت جثامين
أطفال غزة ……….”إلى مثواهم بين يدي الله!
لم أنتبه إلا…
وأنا أقضم إصبعا يشير نحو الدولة ال…،
كي أنجو ببقية أعضائي، بينما يتابع الضحك نموه ،
غير ملتفت لدمعة حمراء سقطت فيالحساء