هبة عبد الوهاب تدافع عن هوية مصر وتكتب.. انقذوا آثار مصر من قتلة التاريخ
الفسطاط؛ التي أسسها عمرو بن العاص عام 641 م بعد فتح مصر، وكانت أول عاصمة إسلامية لمصر. رغم ما تحتضنه من آثار هامة وشواهد تاريخية تعكس بدايات الحكم الإسلامي في مصر، إلا أن هذه المنطقة شهدت مؤخراً عمليات هدم واسعة لمبانيها ومعالمها التاريخية بسبب التوسع العمراني غير المدروس والأنشطة التجارية العشوائية التي تتبناها الدولة بكل أسف..!
نعم؛ هي كارثة هدم معالم مصر القديمة في الفسطاط، تعد واحدة من أكبر التحديات التي تواجه التراث الثقافي والحضاري في مصر.
لبس فقط لأن الفسطاط كانت مركزًا حضاريًا هامًا على مر العصور الإسلامية المختلفة، حيث ضمت مجموعة من المباني المعمارية الفريدة، مثل المساجد والحمامات العامة والأسواق والمقابر. والتي من أبرز معالمها مسجد عمرو بن العاص، ومقام الإمام الشافعي، وقصر الشمع، والعديد من الأبنية والمقابر والزخارف العمرانية والخطوط والألواح البنائية التي تعكس تطور العمارة الإسلامية عبر العصور.
فإلى جانب القيمة الإسلامية، تُعد هذه المنطقة مركزًا لتجارة الخزف والفخار، وتشتهر بمصانع الفخار القديمة التي كانت تصدر منتجاتها إلى مختلف أنحاء العالم.
في السنوات الأخيرة، تعرضت مصر القديمة لهدم عشوائي لمعالمها الأثرية بهدف التوسع العمراني وإنشاء مشاريع استثمارية حديثة. هذا التوسع جاء على حساب التراث، حيث تم هدم العديد من المباني الأثرية دون مراعاة لقيمتها التاريخية، وقد بدأت الحكومة مع بعض المستثمرين في تحويل بعض المناطق التراثية إلى مشاريع سكنية وتجارية حديثة.
وبسبب ضعف قوانين حماية الآثار وقلة تطبيقها، جاء تواطؤ بعض الجهات مع المستثمرين، بقصد تهميش وتجاهل هذه القوانين.
ولا ننكر أن الافتقار إلى الوعي العام جعل كثير من السكان لا يدركون أهمية الحفاظ على هذا التراث، ما جعلهم يتعاونون في بعض الأحيان مع الجهات التي تهدم هذه المباني لأسباب مالية.
ولا شك أن فقدان معالم تاريخية فريدة، وتدمير العديد من المباني التي لا يمكن تعويضها، مثل البيوت القديمة والأسواق التي تعود إلى فترات تاريخية مختلفة. والمقابر التي تضم عدد كبير من الشخصيات التاريخية… هو أمر يضر بسمعة مصر العالمية، باعتبارها دولة عريقة التراث، حيث أن المجتمع الدولي يهتم بالحفاظ على التراث الثقافي، كما أن الحفاظ على التراث يمكن أن يجلب عائدات اقتصادية من خلال تنشيط السياحة الثقافية، لكن تدمير هذه المعالم يؤدي إلى تقليل جاذبية المنطقة للسياح.
لهذا يجب تطبيق صارم لقوانين حماية الآثار من أحلام الحكومة الطائشة، وأطماع المستثمرين، وجهلهم، ويجب على السلطات المحلية وضع قوانين صارمة لحماية المعالم التاريخية ومنع أعمال الهدم لأي تاريخ معماري، مع العمل على رفع الوعي المجتمعي، بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي والاستفادة منه اقتصادياً عبر تطوير السياحة.
ولم لا نلجأ للتعاون مع منظمات دولية مثل اليونسكو للحفاظ على معالم مصر التراثية وهويتها واكتشاف وتطوير برامج لحمايتها ووقف هذا التعدي الطائش.
يقينا إن الحفاظ على التراث ليس مجرد مسألة ثقافية، بل هو جزء من هوية مصر وتاريخها العظيم، بل ومستقبلها أيضا، ويجب على الجميع العلم أن الحفاظ عليه هو أولوية وطنية ومجتمعية.