حوارات

“صوت الأهلية” تحاور صاحب البحوث الأكثر في الوطن العربي.. د. عبدالصادق: أكثر من 100 بحثًا في الإعلام والعلاقات العامة

الإعلام الافتراضي أزاح الصحافة الورقية والبقية تأتي
ضعف المحتوى يحول صحافتنا إلى نشرات علاقات عامة
لست مع إلغاء الكليات النظرية والتقنين هو الحل
تقنين الإعلام الإلكتروني ينقذ الصناعة من الهلاك
الصحافة “القانونية” في خطر ولا مفر من المواجهة
المطلوب مؤتمر إنقاذ للإعلام العربي والصحافة غير الافتراضية

أجرى الحوار أ. أسامة مهران، رئيس التحرير

ليست مناظرة تلك التي قادني إليها هذا الحوار، لكنها مواجهة حسب جدول التحديات بين النظرية والتطبيق، بين التقليدي والديجيتال، ثم بين السابح في المياه والعابر للفضاء، مجرد حوار صحافي فكرت أن أجربه مع أحد الأساتذة الذين أعتقد أنه قد يكون القاسم المشترك بين علوم العلاقات العامة وتطبيقات الصحافة، فهو الأستاذ المشارك للعلاقات العامة والإعلام بالجامعة الأهلية، وهو نفسه الذي تمت ترقيته مؤخرًا من المجلس الأعلى للجامعات في جمهورية مصر العربية إلى درجة أستاذ، هو أيضًا من تخطت بحوثه العلمية في مجال تخصصه للمائة بحث ليصبح هو الأعلى في هذا المجال بالوطن العربي.

تم اللقاء بين من يعتنق المذهب الأكاديمي ومن يؤمن بأن المعرفة مظلومة في جامعاتنا، وأن التطبيق ضاعت فرصته مع سيطرة النظريات العلمية، والتنظيرات الذهنية، والمواءمات غير المنطقية.

قضايا شائكة

فكرت، وأنا أجري هذه المناظرة – عفوً – هذا الحوار مع الدكتور عبدالصادق حسن، أن نلتقي في منتصف الطريق، ولكن كيف ذلك والفروقات واضحة بين من يسهر الليل ليفكر، وذلك الذي يقطع النهار طولاً وعرضًا ليبحث عن الحقيقة وحده؟ فكرت أن نلتقي، أن نتفاهم، أن نفكر بصوت مسموع .. لعل وعسى، وكان هذا الحوار:
– قضايا الإعلام معقدة، والصحافة أصبحت أكثر تعقيدًا، الإعلام تحيطه إحباطات “السوشيال ميديا”، والصحافة تلتهمها المواقع الإلكترونية وكل ما هو عابر للحدود والوجود، كيف ترى من منظور أكاديمي هذه المعضلة؟
– بالفعل هي معضلة، بل هي كارثة، أن يختلط الحابل بالنابل، أن نصل إلى مرحلة نفشل أن نفصل فيها بين الغث والسمين، أو بين الصالح والطالح.

نعم .. هي كارثة، لأن الإعلام القانوني والصحافة القانونية التي يمتهنها محترفون، ويتداولها خبراء ومهنيون، والإعلام المسموع والمرئي، إذاعة أو تلفزيون، والتي يمارسها وللأسف الشديد موظفون معنيون أو إعلاميون موهوبون، أصبحت مخترقة مما نطلق عليه بالصحافة الإلكترونية العابرة، أو بأدوات التواصل الاجتماعي غير المراقبة، لكنها المنتشرة، المتوسعة في طرحها، والمتألقة مع ضيوفها، والمستقبِلة لمريديها، انصرف الناس عن “القانوني”، عن الخبر المضمون والصحيح، عن البرنامج الناقل للحدث من موقعه، للآخر غير المنتمي لأي حدث وأي موقع من الإعراب.

والسؤال: لماذا هذا الانصراف الجماهيري عن كل ما هو حقيقي، إلى كل ما هو افتراضي؟ والجواب – أيضًا على لسان الدكتور عبدالصادق – إنها القيود، الأحبال والأثقال التي تم فرضها على الصحافة الورقية فتحولت إلى نشرات علاقات عامة، انصرف عنها الناس والمعلنين، وأصبحت تعاني أزمة طاحنة بسبب الأعباء المالية المتراكمة، المحتوى أصبح أضعف، والمضمون صار مهزوزًا، والحرية لم تعد مثلما كانت. على الجانب الافتراضي، وطالما أن كل شيء أصبح افتراضيًا، يعني أصبح غير مراقب، يمارسه كل الناس، ولا يمارسه المختصين بالضرورة، يتقن آلياته حتى لو لم يتقن فحواه وأساسياته، خرج عن المألوف واتبعه الغاوين، وأصبح كل شيء لدينا مزدوجًا، أصلي وشبيه، حقيقي أو افتراضي، احترافي أو خرافي.

المربع الأول!

– والحل؟
– المحتوى .. إعادته إلى المربع الأول، المضمون .. غربلته وتصفيته، الدخلاء .. إقصاؤهم وإحلال المهنيين مكانهم، هنا يمكن أن تعود المياه لمجاريها، بل أنها ستكون أيضًا صالحة للشرب، وهنا لابد من تقنين المواقع الإلكترونية، لـ”السوشيال ميديا”، أن تكون عونًا للإعلاميين والصحافيين لا فرعونًا عليهم، أن تستخدمها لا أن تستخدمنا، أن نروضها حتى لا تفترسنا، وأن نراقبها حتى لا تطلق لخيالالتنا العنان.

إلغاء الكليات النظرية

– يُقال أن هناك اتجاهًا لإلغاء الكليات النظرية في بعض البلدات العربية، ما رأيك؟

– لا يصح ولا يستقيم أن نلغي كليات نظرية تخرّج منها أعمدة التنوير في عالمنا العربي، فهي التي تخرج منها الدكتور محمد مندور، وعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، والدكتور حسين مؤنس، وفؤاد زكريا، وهي التي وضعت في بداية عصر الحداثة مشروع الثقافة العربية، هي التي صاغت الثورات، وكتبت الدساتير، وهي العقول التي فكرت نيابة عن الأمة، وهي تلعب دور القناطر التي تنقل معارف التطور والتحديث من الدول المتقدمة إلى دول المشرق العربي، فكيف بالله نغلق أو نلغي هذه الحكايات؟! ربما يكون القصد من الطرح هي بعض الكليات التي يتكدس خريجيها ولا يجدون لأنفسهم عمل أو وظيفة ومعظمهم من كليات الحقوق وغيرها من الكليات التي تساهم في شيوع البطالة، وليس المقصود منها كليات الإعلام والعلاقات العامة، فهي ليست كليات نظرية، وهنا فإنني مع الرأي المدافع ولكن مع تقنين قبول الطلبة في هذه الكليات لا إلغاؤها تمامًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى