نجلاء الديب تكتب: فيروز صدى الأمل الذي استحال الى أنغام حزن
عذراً، فيروز، فصوتك الذي كان يُعانق الصباحات الهادئة ويرافق رائحة القهوة، لم يعد كما كان. لطالما ارتبطت ألحانك بقوائم المهام الطويلة وخطط اليوم الممتد، لكن منذ أكتوبر 2023، بدأ كل شيء يتغير. اليوم، حين أستمع إليك، يتداخل صوتك بأصداء الغارات والقصف، وأخبار الاستشهاد، وصراخ الأطفال. أرى ملامح جارتي السورية واليمنية وهن يواسون الفلسطينية، فتتبدل معاني الأغاني.
أصبحت ألحانك تذكرني بخيبات وآمال تضيع، وقوى تتلاشى أمام عدو فاجر وحكام متخاذلين. أشعر بالخجل حين أسمعك تطلبين الناي لتغني، فما معنى ذلك بعد أن ضاع شادي، ولم يتعظ العالم من دروس التاريخ؟ ناديتُ القدس، وشديتُ بصوتك: “الغضب الساطع آت…” لكن من أين يأتي هذا الغضب؟
في زمن تتجادل فيه الأمة حول جدوى مقاطعة مصانع واقتصاد العدو، كيف يمكن لشعوب لا تجد الطعام أن تقاطع شوكولاتة جالاكسي والبيبسي؟ كيف يأتي الغضب في زمن يسأل فيه الناس: من هو إسماعيل هنية؟ من هو السنوار؟ هم لا يعرفون سوى سعر الطماطم وكيف ينجون من سم الثعبان.
عذراً، فيروز، لم أعد أسمع في أذني سوى صوت جبريل الذي حُرمنا منه، صوتٌ يرتل الآيات التي أجد نفسي أرددها بلا وعي. ولم أكن أدري لماذا تلك السورة، لكنني عرفت السبب عندما سمعت تلك البائسة تقول بعد استشهاد السنوار: “حتى ربنا مع اليهود”. لا أستطيع أن ألومها، فهي المشردة المعذبة في أرض لا تحتمل المزيد.
“وما أُمِروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة. وذلك دين القيمة.”
في هذه الآية مسائل متعددة، منها قوله تعالى: “وما أُمِروا”، أي وما أُمِر هؤلاء الكفار في التوراة إلا ليوحدوه سبحانه وتعالى. لكنهم قوم سمعنا وعصينا، ونحن قوم رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.
فلنصبر ونتحمل، فما عاد شيء يسعدنا أو يفرحنا. بل ما كان يُفرحنا أصبح سبباً لحزننا، وأغانيك، يا فيروز، أصبحت نغمات تعكس آلامنا وآمالنا المنكسرة.