أسامة مهران يكتب: نقابة الصحافيين بين ” أبو طارق ” و” أبو شقرة “

رغم أنه لاتوجد لي ناقة ولا جمل، ولأنه ليس لي في ” التور ” ولا في الطحين، إلا أن أنصار عبد المحسن سلامة قد فازوا في النزال الانتخابي المر رغم هزيمة مرشحهم علي أنصار النقيب الفائز خالد البلشي، فوز الجماهير لم يكن بالقاضية أو لمس الأكتاف، لكنه بنص كيلو كباب معتبر من محلات أبو شقرة الشهيرة بالمشاوي والعكاوي والكلاوي سابقا.
فاز أنصار الكباب علي أنصار الكشري ، زبائن أبو شقرا علي زبائن أبو طارق ، هكذا بدأ المشهد الانتخابي الصحافي المصري لي من بعيد، فقد رحمني الله وابعدتني اللوائح من أن أكون عضوا عاملا في نقابة الصحافيين الميمونة بالقاهرة أصل بلدي وعقر دار أهلي وفصلي ومدرستي وجامعتي وأمي وأبي.
نقابتنا المحلية جدا في مصر تمنع عضوية أي صحافي مصري محترف بالخارج إلا اذا كانت لديه علاقة مهنية مستمرة مع اية مؤسسة صحافية مصرية، وإذا كان الصحافي المصري شجاعا بما فيه الكفاية، ورحيما بأحوال مصر والمصريين ونجح في الحصول علي فرصة عمل بالخارج وتفوق فيها فإنه بدلا من أن يمنح عضوية ذهبية في نقابة الصحافيين المصرية نظرا لأنه ترك وظيفته لزميل آخر له.
وقام بنفسه ووفرها لنفسه لكي يجلب عملات صعبة لبلاد ، بدلا من مكافأته فإن نقابتنا الميمونة سواء كانت تحت رئاسة البلشي او سلامة أو قلاش أو ميري أو حتى العملاق كامل زهيري فآنها جردت الصحافي المصري الناجح في الخارج من كامل حقوقه في المهنة والمواطنة، بل أنها لم تفطن لحقيقة في منتهي الخطورة هي أنها تركت أبناء المهنة الحقيقيين لتستفيد من خبراتهم دولا أخري خاصة بعد أن أصبحوا غير محتاجين للعمل في صحافتكم البائسة ومع أوضاع أقل ما يجب أن يقال عنها بأنها مزرية مهما كان كشري أبو طارق لذيذا أو كباب أبو شقرة قد عفى عليه الزمن أمام قصر الكبابجي والدهان الجديد والمنوفي المتطور واليماني حضرموت عنتر والست المحتشتمة حجوجة هانم.
لقد انتهت انتخابات نقابة الصحافيين المصرية محققة انتصارا محقا للمبادئ على حساب المصالح الوقتية ، المكاسب المهنية المحدودة ولا الوعود التقليدية من كل من يمضي على طريفة إبراهيم نافع أيام الأهرام وهدايا الأهرام، انتهت الانتخابات وغرقت مثل سابقاتها في فيضان نهر النيل، ولم تمتد بصيرتها لأبعد من تحت قدميها الموغلتين في خوص الطمي العتيق.
مصر لم تكن في يوم من الأيام مغلقة علي حدودها فهذه الحدود كانت ممتدة لأسيا وأفريقيا وأوروبا وإلى البعيد البعيد مما نرى ونحسب، مصر أمنها القومي مترامي الأطراف بين ثلاث قارات ، هذا هو قدرها فإن لم تكن صحافتها مدركة بضرورة وجودها في الخارج ، وإن لم تكن نقابتها واعية بأن أمنها المائي الذي هو شريان الحياة ينبع من عمق افريقيا وامتها البحري يمتد الى الشاطئ الآخر في جنوب أوروبا ومابعدها، وإذا لم تكن هذه النقابة فاهمة ومتفهمة لأهمية التحديات المتربصة بنا من المشرق حيث صحراء سيناء وغزة وإسرائيل والمغرب العربي من ليبيا حتى المحيط الأطلسي ومن السعودية حتى اليمن ومضيق باب المندب وسيطرة الحوثيبن عليه مما أدي إلى تعطيل المرور في قناة السويس وتسبب لنا في خسائر سنوية تقدر بأكثر من ثمانية مليارات دولار.
إذا لم تكن لدينا صحافة نشطة في تلك الأماكن إلى جانب القوى الناعمة والدبلوماسية الأخري فإننا سنكون كما ” الأطرش في الزفة ” أذنا من طين وأخرى من عجين، وهو ما لايصح ولا يستقيم أيها المناصرون للكشري أو الكباب، عفوا لأبو طارق أو أبو شقرة وما خفي كان أعظم.